تستخدم مصادر تاريخ الأديان المصّطلح الألماني Verstehen \” الفهم \” للتعبير عن قضية \” الفهم \” في علم الأدّيان، ويردّ الباحثون إستخدام هذا المصطلح كأول مرة لمؤرخ الأدّيان الألماني Y.Wach فاخ، والذي يرى أن الفهم في مجال دراسة الأدّيان، قائم على إفتراضين، الأول: هو العطاء من أجل الفهم، و هو أمر يعود لطبيعة الإحتكاك الإنساني بالظّاهرة الدينية، أما الإفتراض الثاني: هو التدين الفطري للإنسان الذي يجعل لديه قدرة داخلية على فهم الدين.
رغم أهمية وضرورة نظرية \”فاخ\” على مستوى علم الأدّيان، إلا إننّا نجد عدم وجود إستجابة حقيقية من جانب المستشرقين المختصين في الدراسات القرآنية لإستغلال هذه النظرية وإستخدامها؛ إذّ إنّ الغالبية العظمى من المستشرقين تخصّصوا في الدراسات القرآنية دون محاولة منهم لفهم الإسّلام من داخله، أو فمهمه كما يراه أهله من المسلمين، ومحاولة تفسيره وتحليله من خلال مصادره الأصليّة والمعتمدة. إلى الحد الذي يمكن القول معه إنه بات هناك فهمين للقرآن الكريم، الأول: فهمًا إسلاميًا يتبعه المسلمون، والثاني: فهمًا إستشراقيًا مغيارًا طوره المستشرقون.
بالنسبة للإستشراق الإسرائيلي، فقد برزت \”إشكاليّة فهم\” النصوص القرآنية، بشكل جلي به سواء من خلال الدراسات والكتابات الإستشراقية الإسرائيلية أو من خلال الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم التي صدرت في إسرائيل؛ إذّ هدف الإستشراق الإسرائيلي إلى تقديم القرآن الكريم بشكل يُبعده عن جوهره الأساسي، وذلك من خلال إخضاع النصّ القرآني لعمليات عقلية وفكرية متأثرة بأيديولوجيات تحمل آراء وقوالب فكرية مسبقة يتم فرضها فرضًا على النص الديني لتطويعه ولخدمة أهداف هذه الأيديولوجيات.
لتحميل الملف أنقر هنا تنزيل