ذهب الإمام الشافعي إلى القول بأن السنَّة لا تنسخ القرآن بحال، لا فرق في ذلك بين السنَّة المتواترة وأخبار الآحاد. كما أنه لا يُحْكَمُ بكون القرآن ناسخا للسنّة التي تبدو مخالفة له إلاّ إذا وردت سُنَّةٌ أخرى تفيد ذلك النسخ وتبيِّنُه. وخالفه في ذلك جمهور من جاء بعده من الأصوليين حتى من أتباع مذهبه. وقد كان موقف الشافعي من نسخ السنَّة للقرآن واضحا لدى من جاء بعده من الأصوليين، أما موقفه من نسخ السنَّة بالقرآن فقد خفيت حقيقته على بعض العلماء، وهو الأمر الذي أدى إلى اختلاف الأصوليين من بعده وتضارب أقوالهم في مراده بذلك. ويهدف هذا البحث إلى بيان الأسس التي بنى عليها الشافعي نظرته إلى النسخ بين القرآن والسنَّة، وتحرير موقفه من نسخ السنَّة بالقرآن. ويقوم منهج البحث على استقراء أقوال الشافعي نفسه في كتاب \”الرسالة\” مع التحليل والمناقشة والمقارنة بما نُسب إليه. وخلص البحث إلى أن للإمام الشافعي رأيٌ واحدٌ في نسخ السنَّة بالقرآن الكريم، وأن ما ظنه البعض دلالة على وجود قولين هو مجرد تفصيل لقوله الواحد في المسألة، وهو أنه يُقرُّ بوقوع نسخ السنَّة بالقرآن في زمن النبوّة، ولكن لا يُقبل من أحد ادعاء نسخِ سنّة من السُّنن بآية من القرآن الكريم إلا إذا وُجِدت سنَّة تدلّ على ذلك النسخ وترشد إليه، فإن لم يوجد من السنَّة ما يدلّ على ذلك الادعاء بالنسخ، لا يُقبل ذلك الادعاء، ويجب البحث عن طريق للجمع بين الآية والحديث.
لتحميل الملف أنقر هنا تنزيل